تحتفي جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن بالإنجازات المتميزة للمرأة السعودية؛ من خلال جائزة الأميرة نورة للتميز النسائي. والتأمّل في الجائزة وسياقها، يعكس مدلولات عديدة في سياق الزمان والمكان والأبعاد. اعتمدت الجائزة بقرار من مجلس الوزراء السعودي في عام 1436هـ/2015م، مما يعني أنها تزامنت مع مرحلة مهمة من مسيرة المرأة السعودية، إذ تزامنت مع العديد من القرارات والسياسات والتوجيهات العليا التي استهدفت تمكين المرأة، وسارت الجائزة منذ ذلك الحين مع رؤية المملكة 2030 التي أعطيت المرأة فيها مساحة بارزة لتعزيز مشاركتها في التنمية، وتحسين أوضاعها الاقتصادية والمعيشية، وتوِّجت الجائزة برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود-حفظه الله-، ومن أقواله التي تؤكد أن المرأة تحظى بالدعم الكامل، والرعاية الشاملة من قيادتنا الرشيدة: "إن المرأة هي مصدر التطور لأي مجتمع؛ فمن غير نساء ممكنات يصعب إصلاح المجتمعات، حيث إن المرأة هي نصف المجتمع وهن مربيات الأجيال. وقد أثبتت عبر التاريخ دورها البارز والفعال في قيادة التغير وصنع القرار". ومن منظور المكان، فإن الجائزة وهي أول جائزة موجهة للمرأة السعودية، هي مبادرة من مؤسسة علمية هي جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، التي تعد رمزًا للعناية بتعليم المرأة السعودية، مما يؤكد وعي الجامعة بدورها في ميدان تمكين المرأة السعودية وتنمية قدراتها الشخصية والاجتماعية والمهنية ودعمها والاحتفاء بإنجازاتها. منح الجائزة من مؤسسة علمية بحجم ومكانة جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، يترجم العلاقة الوثيقة التي تربط بين تعليم المرأة والمجتمع؛ فهي علاقة تاريخية؛ بدأت تتشكل منذ بدء التعليم النظامي للبنات في المملكة عام 1379ه/1959م، فقد تزامن انطلاق التعليم النظامي للبنات مع نمو الدور الاجتماعي للمرأة، في ظل مؤسسات حكومية ومجتمعية حديثة، فأسهمت المرأة بنشاط في مراكز ولجان التنمية الاجتماعية التي تأسست منذ عام 1380هـ/1960م، وأدّت هذه المراكز دورًا تعليميًا وتثقيفيًا موجهًا للنساء، ورعايتهن صحيًا، واجتماعيًا، ومهنيًا، ولاقت هذه المراكز اهتمامًا وإقبالًا من المرأة السعودية، وأثبتت استعدادها للمشاركة في النهوض بالمجتمع. وبعد فترة وجيزة، تأسست الجمعيات الخيرية الاجتماعية تحت إشراف وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، ومن الملفت أن أول الجمعيات الخيرية في المملكة هي جمعيات نسائية، فتأسست خلال الفترة 1382-1384هـ/ 1962-1964م أربع جمعيات نسائية، في جدة والرياض والدمام والطائف. وهي علاقة تكاملية؛ فتحسين أوضاع المرأة، وتنويع الفرص أمامها، كانت تبدأ دومًا من التعليم والتوسع فيه وتنويع تخصصاته ومواءمتها مع احتياجات العمل، وتزامن تطور تعليم البنات مع تطور الاحتياجات المجتمعية، وتبني الدولة عددًا من السياسات الداعمة للمرأة، وتهيئة الظروف المؤسسية والتشريعية أمامها. كما سار تعليم المرأة بتناغم مع السياق الثقافي للمجتمع، وتكامل معه، مما وفّــر بيئة إيجابية داعمة للمرأة مكنتها من التقدم بثقة وقوة في مجالات عدة، منها: العمل، والصحة، والمجتمع، ومراكز صنع القرار. تتنوع الفروع التي تغطيها الجائزة، فتبحث عن التميز النسائي في العلوم الإنسانية، والطبيعية، والصحية، والآداب، والفنون، والعمل الخيري والاجتماعي، والمشاريع الاقتصادية، وهذا التنوع يمثل دعمًا للمرأة السعودية، فيظهر إمكاناتها مهما تنوع تخصصها ومجال اهتمامها ويبرز تفوقها في مجالات الحياة المختلفة، ويفتح نافذة يطل منها العالم على إنجازات المرأة السعودية. وختامًا، فجائزة الأميرة نورة للتميز النسائي هي تكريم وتقدير لنساء الوطن كافة، وحريٌّ بنا الفخر بها. أ.د. مها علي آل خشيل قسم التاريخ، كلية الآداب، جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن